وجهات نظر

ماذا لو لم يكن الله موجوداً؟.. بقلم: عمر ممدوح

يوم لايت
في هذه المقالة لا أشير من قريب أو من بعيد لظاهرة الإلحاد، و إنما ما اكتبه مجرد خواطر أضعها على السطور، و ربما تكون دعوة على استحياء للتأمل من قبل أي ملحد إذا تعرض لها. فأنا لا أحيد عن وجود الخالق رب الكون، و لكن مجرد أتساءل: ماذا لو لم يكن الله موجوداً؟

و قد حاولت قدر المستطاع الاقتراب علمياً من الحُجج التي يستخدمها الملحدون حول الخالق و الخلق. فسؤالي : هل هناك معنى أو منطق للعدم و غياب الوجود؟ حتى لو لم يكن هناك شمس أو قمر أو أرض أو السماء و زينتها من نجوم و كواكب، أو حياة، لكن بالتأكيد يوجد فراغ. و مهما اتسع حجم هذا الفراغ، إلا أنه سيكون موجوداً.

مثلما تكون جالساً مع فرد أو مع جماعة، فالمسافة بينك و بينهم عبارة عن فراغ.. إلا أنه فراغ يتكون من أكسجين و نيتروجين و ثاني أوكسيد الكربون، و هي الغازات التي لها وظائف مبررة، و لكننا سنفترض عدم وجودها لو لم يكن خالقهم و صانعهم موجوداً،و لكن سيبقى ذلك الشيء غير المُدرَك.. الفراغ.

إذن، فالفراغ هو شيء غير مُدرَك، و لكنه موجوداً. هل من المعقول أن يكون الفراغ خالياً، حتى لو افترضنا أنه فارغاً من الغازات المذكورة كما هو الحال في الفضاء الخارجي. فلو كان الفراغ خالياً فمعنى ذلك أن محتواه هو العدم، و العدم هو الشيء غير الموصوف (في أرجاء الفراغ).

و بالتالي، فإن للفراغ كيانٍ ما، تم تحويره ليعطي للإنسان بعد ملايين السنين من خلقه، الزمان و المكان.

و طالما أن الفراغ موجوداً، و هو غير مُدرَك، فهناك من أوجده.. هناك من خلق الشمس و الكوكب العظيم،ضمن الفراغ، ليحدث الانفجار العظيم فتتشكل الكواكب و النجوم و المجرات.

فهناك من خلق هذا الفراغ، الشمس بمواصفتها و ذلك الكوكب العظيم ليحدث الانفجار. فآن يكون للشمس وجود بدون يد ابتكرتها من العدم، و من لا شيء ، ليملأ بها جزءً في فراغ خالٍ!

ربما يتساءل القارئ : أين كان الله موجوداً إذاً قبل كل هذا؟

فعن أبي رزين قال:قُلتُ يا سول الله أين كان ربُنا عز و جل قبل أن يخلق خلقه؟ قال: كان في عماء – أي فراغ – ما تحته هواء و ما فوقه هواء، ثم خلق عرشه على الماء..رواه الترمذي.

إذن هل كان الهواء أولي مخلوقات الله قبل العرش و قبل القلم؟ لا أبحث عن إجابة لهذا السؤال، فربما كان الهواء غير هواء الدنيا، أو لعل كان المقصود تأكيد على الفراغ، فكان فوقه عماء و تحته عماء. أياً كان فكان لا شيء فوقه – عز و جل – و لا شيء تحته.

إذن، هل كان سابحاً؟ جالساً؟مستوياً؟ هل كان طائراً؟ و أين؟ كيف كان وضعه؟ و لله المثل الأعلي.

بعد الحديث السابق، و بعد أن علمنا أن الله كان قبل كل شيء في فراغ.. نُعيد سؤالنا: ماذا لو لم يكن الله موجوداً؟

الإجابة هو هذا الفراغ، و لكن أيُعقل أن يكون الفراغ، كما أوضحنا، له كيان من غير سبب،فضلاً عن مصدر الانفجار العظيم و حيثياته.

هذا مجرد اجتهاد عقلي، و لكن ما لا يُمكن إدراكه، بعد تفسير وجود الفراغ، هو من أين جاء الله و كيف؟

إذا كان الفراغ مصدر ثانٍ غير مُدرَك من بعد الله، فأي مصدر قبل الله؟!

هذا ما لا يُدركه و لن يُدركه العقل البشري، و إن كنا استطعنا،بتوفيق و مشيئة منه، أن نتأمل في حقيقته سبحانه و تعالي، و في هذا قال رسول صلي الله عليه و سلم: قبل خلق العرش، و قبل خلق السماوات و الأرض، و قبل خلق الجهات، كان الله تعالى و لا شيء قبله، و لا شيء غيره، و لا شيء معه. رواه البخاري.

إذن فالإجابة علي سؤال المقالة، إجابة غير مُدرَكة.. لا نملك و لن نملك سوي أن نقتنع و نُسلم بوجوده سبحانه و تعالي، و لهذا فإن من ينكر وجوده عز و جل، وصفه الله بالمتكبر، لأن من أجل المتكبرين أرسل الله رسله و أنبياءه. لأن عقول بعض الناس ترفض تقبل وجود ذات عظمي فوق ذاتيتهم خصوصا مع تطور العلوم التطبيقية و التكنولوجيا ، فظن الإنسان أنها من صنعه عبر الزمان، و كما تفننوا في وضع نظريات مصدرها أصلاً من إبداعه و خلقه، غرضها إنكار ذاتيته. فضلاً عن عبث البشر المتولد عن هذا الإنكار، أو إيمان ضعيف، فيتولد العنف المبنى على الجهل، فيزداد الرفض لرسله. غير الجهل عموماً في أنحاء الأرض بحقيقة الأديان و الرسل، و بخاتمهم محمد صلى الله عليه و سلم، فنكون أمام خطرين ، إحداهما الكبر من قبل بعض الناس من ناحية، و هم يشكلون الجانب اليساري المتطرف ، غير اليمين المتطرف و هذا أمرُ آخر.

و لكن، حول موضوعنا الأساسي.. كيف نفكر في وجود الله العظيم، و لا نفكر في وجودنا نحن البشر الضعفاء. فإن حربنا ضد بعضنا البعض و صراعاتنا ما هي إلا كُفر به، و كبر،فإما لا نرحم بعضنا أو لا نؤمن بالذي خلقنا.

فالسؤال الجدير أن يُطرح: ماذا لو لم نكن نحن موجودين؟

و من هذا المنطلق، نفسر معني كلمتي سبحانه و تعالي عن الخلق أجمعين، فهو الخالق العزيز الجبار الذي خلقنا لنعبده. و كما قال للسماء و الأرض:آتيا طوعاً أو كرهاً قالتا:آتينا طائعين.. أقول و نقول – إن شاء الرحمن – آتينا لك يا الله يا من خلقتنا و صنعتنا و صورتنا طائعين،راكعين،ساجدين،عابدين.

مهما نلف و ندور،سنعود لوجود الله و نُسلم به. و هذا ما أردت أن أوصله ببساطة، و أتمنى أن أكون قد وُفِقت.
نيسان 2