الأخبار

ورقة بحثية بعنوان ”حوكمة أنظمة الذكاء الاصطناعي القضائية” في مؤتمر المركز القومي للبحوث الجنائية

يوم لايت

قدّم المستشار محمد سمير مرعي، رئيس المحكمة وعضو المكتب الفني بالمركز القومي للدراسات القضائية، ورقة بحثية بعنوان «حَوْكَمةُ أنظمةِ الذكاءِ الاصطناعي القضائيّةِ المُساعِدةِ» خلال أعمال المؤتمر السنوي الدولي الخامس والعشرين للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية «الأبعاد الاجتماعية والقانونية للذكاء الاصطناعي»، تناول فيها رؤية تحليلية معمّقة لكيفية إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي في منظومة العدالة على نحو منضبط قانونيًا ويحفظ مكانة القضاء وهيبة القاضي.

وأكّد القاضي محمد مرعي في عرضه على ضرورة التمييز بين استخدام الذكاء الاصطناعي في بيئة تدريبية منخفضة الأثر داخل «حاضنة تنظيمية» (AI Sandbox)، حيث تُستَخدم بيانات مُجهّلة لأغراض تدريب القضاة وصقل مهاراتهم، وبين تشغيل الأنظمة المسانِدة داخل قاعة المحكمة بوصفها أنظمة عالية المخاطر وفق تصنيف الملحق الثالث من قانون الاتحاد الأوروبي للذكاء الاصطناعي (EU AI Act)، بما يفرض التزامات صارمة في مجالات إدارة المخاطر، وحوكمة البيانات، والشفافية، وتقييم الأثر على الحقوق الأساسية.

وشدّد على أن هذه الأنظمة يجب أن تُعامَل بوصفها أدوات مساعدة في اتخاذ القرار القضائي (Judicial Decision Support Tools)، لا شريكًا للقاضي في ولايته ولا بديلًا عن تقديره المستقل، مع ضمان بقاء «الكلمة الأخيرة» للقاضي وحده. كما ربط بين متطلبات حوكمة هذه الأنظمة وبين التشريعات الوطنية لحماية البيانات في مصر والدول العربية، والأطر الدولية المقارنة، بما يصوغ مسارًا واقعيًا لتبنّي الذكاء الاصطناعي في القضاء دون الإخلال بضمانات المحاكمة العادلة واستقلال القاضي.

وجاء عرض المستشار مرعي ضمن جلسة علمية شهدت حضور الأستاذة الدكتورة هالة رمضان، مدير المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، والأستاذة الدكتورة سهير لطفي، المدير الأسبق للمركز، وكوكبة من رجال القضاء والباحثين القانونيين والتقنيين، في إطار فعاليات المؤتمر الذي افتتحته الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، والدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، ونخبة من القيادات والخبراء، حيث أعلن المستشار محمد مرعي خلال الجلس توافقه مع ما قرّره المستشار عادل ماجد، نائب رئيس محكمة النقض، بشأن ضرورة الانضباط الاصطلاحي عند تناول تقنيات الذكاء الاصطناعي في السياق المصري، ولا سيما في المجالات شديدة الحساسية كالقضاء، وذلك خلال الجلسة التي ترأسها المستشار الدكتور حسن البدراوي، مساعد وزير العدل لشئون التشريع ونائب رئيس المحكمة الدستورية العليا الأسبق.

وقد عرض المستشار محمد مرعي عددًا من النماذج التطبيقية التي تناولها بحثه بالتفصيل، من بينها: «السكرتير الصوتي القضائي» (Judicial Voice Assistant) المعتمد على تقنيات التعرف الآلي على الكلام لتفريغ الجلسات وإدارة محاضرها رقميًا، و«مُراجع جودة الأحكام» (Judicial Opinions Quality Auditor) القادر على رصد مواطن الضعف في التسبيب وأنماط التباين غير المبرَّر دون إصدار درجات تقييم آلية أو توصيات تأديبية، إلى جانب نموذج لتقدير النفقات الأسرية لأغراض التدريب، و«النظام الآلي لإدارة امتثال الذكاء الاصطناعي القضائي» (Judicial AI Governance Engine – JAIGov) بوصفه طبقة حوكمة رقمية تضمن التزام هذه الأنظمة بالمتطلبات القانونية ومعايير حماية البيانات داخل بيئة آمنة ومنضبطة. وقدّم من خلال هذه النماذج تصورًا عمليًا لكيفية بناء أنظمة ذكاء اصطناعي قضائية «مفسَّرة وخاضعة لإشراف بشري فعلي»، تحترم الخصوصية وتمنع التنميط، وتحوِّل الخوارزميات من مصدر قلق إلى أداة أمينة في خدمة العدالة وسيادة القانون.

نيسان 2
قاضٍ مصري حوكمة أنظمة الذكاء الاصطناعي القضائية المساعدة