وجهات نظر

د. عمرو الهلالي يكتب: أردوغان إلى فترة رئاسية جديدة

د. عمرو الهلالي
د. عمرو الهلالي

لا شئ جديد سيجري تحت جسور أسطنبول كما يبدوا، وأردوغان منذ اغلاق صناديق الاقتراع في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التركية متحفز للفوز الذي سيأتي إعلانه رسميا مساء هذا اليوم بحسب كل التوقعات والتحليلات الرقمية لخبراء الانتخابات.
فحسب الارقام المعلنة للجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التركية، فقد حصل اردوغان على 27 مليون و96 ألف صوت تقريبا بينما حصل حزبه في الانتخابات البرلمانية على 19,346,135 صوت وهو ما يعني أنه قد حصل على 7 ملايين و750 ألف صوت من خارج قواعد حزبه، وحزبه نفسه حصل فقط على 35,58% من اصوات الناخبين، بينما الاحزاب الثلاثة المتحالفة مع حزبه حصلوا في الانتخابات البرلمانية 7 ملايين و545 ألف و770 صوت، وبالطبع توجهت لأردوغان وهو ما يعني ايضا اكتشافنا لمرجعية تلك الاصوات التي اعطت لاردوغان، وكان يبدوا الأمر سهلا على أردوغان لاقناع شركاء حزبه في تشكيل الحكومة القادمة، التي يمنح الدستور التركي الرئيس حق تشكيلها من أغلبية البرلمان للنزول مرة أخرى في جولة الإعادة حتى لاسباب (حزبية) لتقوية موقف شركاء حزب أردوغان في مفاوضات التشكيل وحصد عدد من المقاعد الوزارية أو القرارات التي تخدم تلك الأحزاب، بينما كان الأمر واضحا منذ اللحظة الأولى لمنافس أردوغان الرئيسي أوغلوا أن الأمر صعب وشبه محسوم، فقد حصل المتأهل الثاني على 24 مليون و572 ألف صوت تقريبا، بينما حصلت أحزاب تحالفه مجتمعه على 19 مليون و42 ألف صوت تقريبا، وهو ما يعني انه عكس أردوغان فإن أوغلو حصل خارج أصوات تحالفه على 8 ملايين و530 ألف صوت وهم في الحقيقة أصوات (ضد أردوغان) وليست مع أوغلو، منها 5 ملايين و730 ألف صوت تقريبا من تحالف العمل والحرية الذي يميل الى الاكراد ونزولهم جولة الاعادة سيكون محسوما لأوغلو لعدائهم الواضح لأردوغان وحكومته، بينما تكون المعضلة في 2 مليون و800 ألف صوت انتخابي باقية أغلبهم للأحزاب التي لم تحقق أي مكاسب برلمانية أو لاحزاب يمينية صوتت للمرشح سنان، وهي تميل بشكل واضح في جولة الاعادة لو نزلت إلى أردوغان بسبب موقفها من الأكراد واللاجئين.
وتبدوا دعوة اوغلوا اليائسة للملايين الثمانية التي لم تشارك في الجولة الاولي من الانتخابات اعترافا رسميا بالهزيمة قبل الصمت الانتخابي الذي أعلن في البلاد بالأمس، ووعوده الانتخابية (الغريبة) بعدم تشفير الدوري التركي أو تحمل الدولة لديون بطاقات الائتمان إلا محاولة أخرى منه لاستقطاب عدد من أصوات الناخبين الأتراك والتي جائت متأخرة ولن تنفعه كما يبدوا، وحسب الدراسة الرقمية التي تم اجرائها فإن أردوغان سيفوز بجولة الإعادة بنسبه لن تقل في أسوء الحالات عن 51.9٪ من جملة اصوات الناخبين الاتراك، والنسبة مرشحة للصعود إلى 55.6٪ في حالة لم يقنع اوغلو الاكراد بالمشاركة معه او أن يعقد صفقه مع سنان وفي كلتا الحالتين سيخسر اصوات الاكراد في هذا السيناريو.
غير أن هناك عدد من الملاحظات التي ولا بد للباحثين في مجال الانتخابات وسلوك الناخبين من دراستها في هذه المرحلة من الانتخابات التركية الرئاسية، أولها هو دراسة سلوك الناخبين الأتراك في الذهاب الى اول اعادة في تاريخ الانتخابات الرئاسية التركية، فالجميع يراهن على المشاركات القياسية للأتراك في انتخاباتهم التشريعية والرئاسية، والتي تصل إلى 90%، لكن ذلك يمكن إرجاعه إلى عدة عوامل منها تطبيق الدولة التركية غرامة (فورية) على عدم المشاركة في الانتخابات وصلت هذه المرة كما تقول المصادر الصحفية التركية الى 300 ليرة تركية كما ان تركيا تطبق نظام التصويت على الانتخابات الرئاسية مع البرلمانية، والتي بالطبع ولأسباب حزبية ترفع أيضا من نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية، إلا أنه في جولة الإعادة التي نحن بصددها ستختفي تلك العوامل، وتصبح مشاركة أصوات الناخبين الأتراك في الاحزاب والمرشحين الخاسرين في لجولة الأولى محل شك كبير، وهي لا تقل بأي حال من الأحوال عن المليونين صوت انتخابي، وعدم مشاركتها بالفعل يصب في صالح أردوغان وزيادة نسبة فوزه.
من الملاحظات المدهشة أيضا في نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية التركية زيادة نسبة التصويت لصالح اردوغان وحزبه في المحافظات التي دمرها زلزال فبراير الماضي رغم انتقادات مواطنيها لاداء الحكومة البطيئ وخدماتهم القليلة لضحايا الزلزال، ففي قهرمان مرعش التي ضربها زلزال 6 فبراير المدمر، حصل أردوغان فيها على 71.88% من الأصوات، مع ملاحظة ان ثمانية من المدن التي ضربها الزلزال هي معاقل لحزب العدالة والتنمية، حيث حصل اردوغان على أكثر من 60% من الأصوات في آخر انتخابين رئاسيين، باستثناء غازي عنتاب، حيث حصل على أكثر من 59٪ من الأصوات، ولم ينخفض دعمه إلى أقل من 60٪ في أي من تلك المدن. لكنه في هذه الانتخابات في جولتها الأولى (زادت) نسبة تأيده مع وقوع الكارثة ونقص الخدمات الحكومية، وهي امور (عكس) التوقع والتصور الديمقراطي ونظرية التصويت العقابي للمواطنين لتقصير الإدارة.
أردوغان إذا مدعو وحزبه لتسيد الحياة السياسية في تركيا لخمس سنوات جديدة، ستكون الأخيرة (على ما يبدوا) لأردوغان الذي سيدخل قائمة الزعماء الأطول بقاءا في سدة الحكم في كل المنطقة.

فندق سفير القاهرة
د. عمرو الهلالي أردوغان