وجهات نظر

خاطر عبادة يكتب: العيد.. والعودة فى زى جديد

خاطر عبادة
خاطر عبادة

دعوة فرح.. تلك اللحظة السحرية الخالدة التى تشاركنا السماء فيها الفرحة والحب ويستقبل الكون كله صباح العيد فى سعادة حين ترتفع أصوات المؤمنين فى نفس واحد .. الله أكبر كبيرا.

إنما يذكرنا العيد بلحظات الحب الحقيقية والفرحة والوحدة والإخاء تحت مظلة سماء هذا الدين العظيم.. الشريعة هى الفرحة؛ تلك المعانى الجميلة هى دعوة الإسلام دائما للوحدة والترابط والتكافل والتراحم.. نصوم ونصلى ونحج جميعا إلى بيت الله فى جماعة..

فمعنى العيد يعود بنا دائما إلى تلك المشاعر والذكريات الخاصة التى تربط المؤمنين بعضهم بعضا وتربطهم بخالقهم العظيم فتكتسب سرا كونيا خالدا لا ينسى فى تاريخ البشرية.. إنما سمى بيوم الجائزة كأنه يوم مصغر لتوثيق لحظة أكثر خلودا ليوم الفرحة الكبرى ودخول المسلمون الجنة الذين استجابوا لأوامر ربهم واجتمعوا على طاعته.. وليكون مكافأة لهم بعد حصولهم على جرعة مكثفة من الإيمان والصيام والعبادة فيكون سر فرحة الناس فى العبادة والصبر وسر السعادة فى الزهد والرضا والقناعة.. فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التى فطر الناس عليها.

كبروا ليبلغ تكبيركم عنان السماء كبروا فإن ربكم عظيم يستحق الثناء.. فالحمد لله والشكر على أن هدانا للسلام وتمت شرائع الدين السمحة ونشكره على نعمه العظيمة وأولها نعمة الدين التى هى النجاة للإنسان من ظلمات الجاهلية والشرك، ولما تحمله تلك الأيام من فرحة وبهجة فى النفس..

وينبغى علينا إظهار الفرحة بالعيد وتعظيم شعائر الله من تقوى القلوب.. فمن أحيا ليلة العيد بالطاعة أحيا الله قلبه.. فيجب أن يكون وداعنا لشهر رمضان المعظم أن يليق بمقامه الكريم.. أما العودة للتقصير والمعاصى أو الانتكاسة فهى شيء لا يصح ولا يليق.. فقد نذنب ونتوب لكن لا يكون رمضان نهاية عهدنا بالطاعة.

وإنما العيد هو عبادة موصولة بالذكر والشكر.. وأن يكون بمثابة نقطة عودة فى زى جديد وخير رداء هو التقوى.. هو أن نعود أقاربنا والأحباب ونصل الأرحام؛ هو عودة الصورة والشكل والحضاري للمسلمين وعودة الأفراح من جديد لتملأ القلوب و تتلألأ فى الوجوه فى صلاة العيد هو عودة الحب وكل شيء جميل لفطرته الأصلية السمحة فى صباح يوم جميل من أيام الله.. هو أن نعود أقوياء من جديد ونجتمع معا على الفرحة على صعيد واحد وعلى قلب رجل واحد.. كما يلهمنا العيد كل جديد؛ فيجدد فينا الأمل كأن نقف صفا واحدا أمام الدنيا ونقول (راجعون عائدون أقوى)!.. هو العودة والتوبة عن الذنب.. وتجديد روح الإنابة.. هو أن نعود ثم نعود من جديد.

إنما فرضت الشرائع لإسعاد الناس.. فكانت دائما فرحة العيد فى الصلاة هى تجسيد لدعوة الدين الفرحة والمحبة فالدين هو الذى يوقظ مشاعر الحب واليقظة والأخوة؛ فقال الله تعالى فى كتابه الكريم(لو أنفقت ما فى الأرض ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم..).

وتكتمل الفرحة مع الأقارب والناس وصلة الأرحام.. وهذا من سنن يوم العيد.. ومن سنن صلاة العيد: التطهر ولبس أحسن الثياب والأكل قبل الخروج للصلاة والمجاهرة برفع الأصوات بالتكبير أثناء التوجه لصلاة العيد، ويستحب فيها الصلاة فى الساحات المفتوحة وتغيير طريق الذهاب والعودة لتبادل التهنئة مع أكبر عدد من الناس.

صلاة العيد هى نموذج مصغر للفرحة الخالدة بعد الطاعة والصبر والتحمل.. ويستقبل الكون كله صباح العيد فى سعادة وينعكس سر ذلك اليوم على سماحة ونضارة وجه المصلين حين ينظر الله إلى عباده ويباهى بهم ملائكته الذين يستقبلون ويرحبون بالمصلين على نواصى الشوارع وهم يتوجهون للصلاة ويكبرون فى الساحات وهذا سر جمال وجوه الناس فى العيد..

العيد هو مظاهرة حب؛ تلك الصورة التى يجسدها تجمع المسلمون البديع فى الساحات المفتوحة كورد يزين الجناين وهم يستقبلون شعاع الشروق والأنوار الكونية؛ كما يشاركهم الكون كله الفرحة.. والصلاة فى الخلاء أفضل لأنها تجمع أكبر عدد من الناس ليتبادلون التهانى والفرحة والمحبة وفرصة لإزالة الخلافات وتناسى الجفاء.

وختاما.. فإن العيد الحقيقى ليس لمن لبس الجديد وإنما تكون الفرحة مضاعفة للصائم و للنفوس المخلصة التى استوعبت العبرة من الصيام وأخلصت فى الدعاء والتوجه لربها فتطمع فى الغفران مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقى ربه فرح بصومه).

عيد فطر مبارك.. تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.

فندق سفير القاهرة
خاطر عبادة العيد